الكتابة عن الأم موضوع كبير وقضية شريفة سامية لها قيمة وأهمية كبيرة لأن الأم هي الأصل الذي يبدأ منه المجتمع وهي أساس كل أسرة، فبدونها لا شيء ممكن. مربية للأجيال الصاعدة والماضية والمستقبلية. لا يوجد من يحل محل مكانة الأم مهما كثر الناس حولنا. كما أننا لا نستطيع الاستغناء عن أمنا مهما كبرنا وهل أصبحنا بالغين ويمكن الاعتماد عليها، فيجب أن نعود إليها. واليوم في هذا الموضوع الجميل عن الأم سنتحدث عن فضل الأم ومكانتها في الإسلام وما هو واجبنا تجاهها.
موضوع عن الام
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أمسكت بقلمي وحاولت أن أكتب ما يدور في ذهني وما أشعر به تجاه والدتي، لكن القلم عجز عن وصف شلال المشاعر المتدفق وظل ساكنا غير قادر على التعبير عنه. ومهما وصفت مشاعري أو عبرت عنها، فلن أوفيها حقها. إنها رحمة الله لنا في صورة إنسان لنا في هذه الحياة.
الأم كنز مفقود للعاصين، وكنز موجود لأهل البر والود. وتبقى الأم على حالها في حياتها وبعد مماتها، وفي طفولتها وشيخوختها. وهي عطر يفوح عطرا.
رائحة تعتز بنفسها، زهرة يشتمها الأطفال، رائحة تتلألأ في وجوه الوالدين، دفء، حنان، جمال، أمان، حب، مودة، رحمة، ألفة، عجب، معلم، وشخصية ذات قيم، المبادئ والعلو والعزيمة، وهي المربي الحقيقي لتلك الأجيال الناشئة. فهي كالحديقة تظل أشجارها وآكل من ثمارها. فهو عين ماءٍ طهورٍ أرويته وأنا عطشان. يحيطني جفاف المشاعر من كل من حولي. وهو النبع الذي لا يجف ولا ينضب.
هي الشمس التي تنير طريقي، وتوجهني دائمًا إلى الطريق الصحيح وتصحح طريقي على دروب الحياة. فهي كالبلسم لجراحي. لعلها تشفيني وهي تتألم ولا تجد من يخفف عنها وجعها. لكنها تظل صامتة ولا تكلمنا حتى لا نتألم بسببها. عطاءها لا ينتهي منذ حملتني بين ذراعيها حتى يومنا هذا، وهي تعطي ولا تنتظر أي مقابل.
كمن يزرع الأرض ويرعاها ولا ينتظر حصادها، أسأل الله أن يجزيها خير الجزاء على ما فعلت وما زالت تفعل من أجلي. وإذا أردنا أن نعرف مكانة الأم في الإسلام نجد أن الله أكرمها بوضع الجنة تحت قدميها. ومن أراد أن يدخل الجنة فليجلس عند قدمي أمه، هناك يجد الجنة في الدنيا والآخرة. ويكفي بالرجل ماتت أمه أن ينادي ملكا فيقول: اعمل يا ابن آدم. لقد مات الذي كنتم تكرمونه بالمناجل». ويكفي أن دعوة من يخترق السماوات السبع. فهنيئاً لمن دعت له أمه ورضيت عنه. ونجد أن أول من يدخل الجنة يوم القيامة أم مات زوجها وبقيت بعدها تربي أيتامها.
كما أن الأم التي يموت ابنها يُبنى لها قصر في الجنة جزاءً لها على صبرها، ليعلم الله عز وجل مدى ألمها على فراق طفلها. وهذه نماذج من أمهات يعتز بهن الدين والإسلام، مثل الإمام الشافعي، والخنساء، وغيرهم الكثير.
ومن أعظم الأدلة على مكانة الأم في الإسلام الحديث النبوي الشريف الذي يروي قصة رجل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله: من أحق بوالدتي؟ أصحابك يا رسول الله؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال والدك.
ويروي البزار أن رجلاً كان يطوف ويحمل أمه حولها، فسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم هل أدت حقها؟ قال لا، ولا بتنهيدة واحدة! أي من زفير العمالة والمنصب ونحو ذلك. وكذلك قصة الرجل الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أردت الغزو، وجئت أستشيرك. قال: هل لك أم؟ قال: نعم. قال: الزمها فإن الجنة عند رجليها.
ولا يعرف التاريخ ديناً أو نظاماً كرم المرأة كأم وكان له مكانة أعلى من دين محمد (صلى الله عليه وسلم) الذي رفع مكانة الأم في الإسلام وجعل برها أحد أسس الفضائل. كما جعل حقها أعظم من حق الأب لما تحملته من مشقة الحمل والولادة. الرضاعة والتربية، وهذا ما نص عليه القرآن وكرره في أكثر من سورة لترسيخه في عقول الأبناء ونفوسهم.
وواجب علينا برها، فإن إكرام الأم يعني الإحسان إليها، واحترامها، وتقليل تعاطفها معها، وطاعتها في غير المعصية، وطلب رضاها في كل أمر، حتى الجهاد إذا كان. وجوب الكفاية فلا يجوز إلا بإذنها، فإن إكرامها نوع من الجهاد.
ومن غرائب ما جاء به الإسلام أنه أمر ببر الأم ولو كانت مشركه. سألت أسماء بنت أبي بكر النبي صلى الله عليه وسلم عن صلتها بأمها المشركة، فأتاها فقال لها: نعم ادع لأمك. إن أكمل الأمهات ليست الأم التي يمتلئ عقلها بأنواع العلوم والمعارف النظرية أو التجريبية، ويكون قلبها خاليا من كل ما ينفع أو ينفع بيتها. مثل هذه الأم تحل المشاكل بما تعلمته وتخلق مشاكل أخرى. لا، براز الأم ليس هكذا. بل الأم هي المصونة العفيفة، التي أضاء قلبها بالنور. فالإيمان والطاعة واتباع الكتاب والسنة، وهما زوجها وولدها، بمثابة الإلهام والقوة في إدخال السرور وتخفيف الألم.
والأم أيضًا هي أقوى أمم الأرض، وأقوى النفوس، وأدق الحواس، وأثبت في الخيرات، وأرفع أعلامًا في الأحداث، وأوثق في الأحلام في المشاكل، وأطولهم في الأعلام. في الكرم بذراع، والأسخى في المجد بذراع. الأم نجمة ساطعة تتلألأ في نفسها وتعالى في شكلها وخصائصها، وأجمل بلسم في صفاتها، ولها مظهر أحلى من نغماتها، ونفس طاهرة تتصف بصلاتها، وغريب عجيب. جسد يتلألأ في حجابه، وعين تذرف الحب بصدقاتها.
وفي الختام أدعو الله أن يحفظ أمي وجميع أمهات المسلمين من كل شر، وأن يرزق كل أم الفردوس الأعلى، وأن يجعل كل امرأة مقبلة على دور الأمومة صالحة مطيعة، حافظة للغيب ومسؤولية ذلك. لقد وضع الله علينا، وأن يحفظ أمنا لكلماتنا، يبارك فيها، ويعيننا على احترام رغباتنا، ويرزقنا رضاه عنا. كل التوفيق وحفظكم الله تعالى.